اسم السجين (اسم الشهرة) : ياسر محمد الباز غبور (ياسر غبور)
النوع الاجتماعي : ذكر
تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 7/17/2014
السن وقت الاحتجاز: غير معلوم
الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية هندسة البترول بجامعة قناة السويس
مكان احتجاز المرسل : قسم شرطة المنصورة ثان
بين الوهم والحقيقة
عندما تُلِىَ الخبر على مسامعهم صدّقوه بحرارة وحماس , مع اعترافِِ صامتِِ و ضمنىِِ بلا عقلانيته و لا منطقيته ! ،
بشكل غريزى رفضتُ الخبر شكلا و اعترضت ، لكنّهم و بشكل غريزى أيضا آثروا الركونَ إلى الوهم عن الانبهار بنور الحقيقة .
قال لى أحدهم : ” نحنُ أعلم بأن نصف الأخبار التى تأتينا كاذبة ، و لكننا نصدِّقها طمعا فى أمل , أى أمل ، قد يهوّن علينا الحبس ”
كان منطقه واضحًا و صريحًا ،
الوهم فوق الحقيقة ،
الحقيقة وحدها القادرة على زعزعة إيماننا وخلق تساؤلات لا تنتهى ،
الوهم يعفينا من ذلك كله ، هو نظام مغلق على نفسه نؤمن به إيمانا دوجماطيقيا و نلوذ به طمعا في تأجيل ميقات ظهور الحقيقة الساخرة ،
الوهم و برغم كونه قادرا على جعل الحياة مُحتَملة بل و مفعمة بالأمل ، هو نظام هشّ لا يقوم بنفسه ، و يصعب أن يؤمن به فردُُ إلا إذا شاركه أفراد حتى يصير الوهم أكثر قوّة ، و حتى يتشاركوا فى دفع الحقيقة كلما حاولت الخروج إلى النور ….
تفضيل الوهم على الحقيقة قد يكون خيارًا صحيحًا و حكيما برغم لا أخلاقيته الواضحة و هشاشته ، فما يزيد الانسان أكثر من أن يظلَّ مؤمنا بشىء لا يعتريه الخلل و لا تداعبه التساؤلات ؟! و ما أسعد المرءُ إذْ يقضى عمره مستأنسا بوهمه المغلق ، دافعا كل خلجة شك قد تلوح له فى عقله الواهم !!
الوهم قدْ يكون خيارا أفضل بشرط أن يظلّ نظاما مُغلقا على نفسه لا يُقبَل الاقتراب منه بل اختراقه ! يظل الوهم خيارا صالحا حتى إذا تمّ اختراقه بشعاع نور انهار النظام كله و فقد صلاحيته ، و حينئذِِ سيشقى صاحبه كثيرا ، إذْ سيعلم أنّه كان واهما غافلا عن الحقيقة ، و أنّ كل ما نشأ عن نظامه الهشّ كان محض هراء ، و أنّ حياته قبل الحقيقة كانت لا قيمة لها و لا معنى ….
و برغم ذلك فليس هناك خيارٌ أفضل بشكلِِ مطلق ،
فإما أن تعيش واهما بشرط أن تحافظ على وهمك فتسوّره و تسيّجه بعناية حفاظا على أى محاولة للاختراق ،
و إما أن تمسك بتلابيب كل تساؤل قد يطرأ على ذهنك و ترحّب به غير عابىء بخفقات قلبك و تنبيهات حدسك عن المجهول ، و حينئذ قد تكون اقتربت من الحقيقة و لكنّك تكون قد خسرتَ راحة البال و صرت معذّبا باستمرار …..
و برغم أن الخيار الثانى أكثر انسانية و حيوية من الخيار الأول ، إلا أن كليهما صعب ، و أحدهما فقط هو ما يجب أن تختار ،
و كذا الحياة هى مجموع اختيارات الانسان محكومة بقدر إلهى لا نعلمه و لا يتسنى لنا معرفته ،
الإيمان إرادة أولا و أخيرا ، سواء كان إيمان بالوهم أو بالحقيقة ،
و الوهم نظام جامدُُ ثابت ، و الحقيقة نظام متجدد حيويّ لا ينتهي بانتهاء الانسان و برغم عذاباته المستمرة إلا أنها أخف وقعا من عذاب المكتشف لتوّه زيف الوهم و خداعه و لا انسانيته !